رقم الفتوى / 5  
نوع الفتوى / قضايا معاصرة
  أخذ تعويض عن الأخطاء الطبية
السؤال /
اتفق رجل مع أحد الأطباء على أن يقوم بتوليد زوجته في مستشفى تابع للتأمين الصحي الإسرائيلي، على أن يدفع له مكافأة غير الأجر الذي سيتقاضاه، وفي موعد الولادة اتصل بالطبيب، وطلب منه الحضور حسب الاتفاق، إلا أنه لم يحضر في الموعد المحدد، وتأخر كثيراً، ولما وصل كان الطفل يعاني من نقص حاد في الأوكسجين، مع العلم أنه لم يكن هناك أي مشاكل تذكر لدى الطفل أثناء الحمل، وظل الطفل يعاني من قصور عام في جسده بعد الولادة، وأجمع أطباء الأطفال أن ظروف الولادة هي المتسبب في هذه الحالة، وتوفي الطفل بعد ثمانية أشهر، ومنعت الأم من الحمل مرة أخرى بسبب تأثر رحمها، وقد أنكر الطبيب أنه المتسبب بذلك، وبعد رفع دعوى قضائية ضده أصدرت المحكمة حكماً يقضي بدفع تعويض قيمته 1.9 مليون شيقل، فهل يحق للزوج أخذ هذا التعويض؟  
الجواب /

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

بالإشارة إلى سؤالكم المثبت نصه أعلاه، فإن قضايا التعويضات هي من اختصاص المحاكم ذات الصلة، والتعويض عن ضرر لحق بالشخص أمر جائز شرعاً، على أن لا يزيد عن قيمة الضرر المتسبب به، وقد حكي عن الإمام الخطاب قوله: "لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً"، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: 92]، فهذه الآية أصل في تضمين الضرر الواقع في الخطأ، وتقصير الطبيب أو عدمه يرجع فيه إلى أصحاب الاختصاص، ومن أهمهم نقابة الأطباء، أو من يكلفونه بذلك.

ومع هذا، فالعفو والصلح أفضل، قال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 22]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ» [صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب العفو والتواضع].

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل  

المفتي / الشيخ محمد أحمد حسين 
 دار الإفتاء الفلسطينية - القدس